أرشيف الفتاوى

متى يجوز التصرف بالمقابر

السؤال :
بعد مضي كم سنة من تاريخ آخر عملية دفن في المقبرة نستطيع التصرف بالمقبرة وتحويلها إلى حديقة عامة مثلا أو مدرسة أو مصنع أو ضمها للتنظيم العام للمدينة لشق الطرق وغيره؟

الجواب:

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه وسلم.

وبعد:

فالواجب على المسلم احترام قبور الموتى من المسلمين ، وعدم إيذاءهم أو الاستهانة بقبورهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» وقال صلى الله عليه وسلم: «لأن يجلس أحدكم على جمرةٍ فتحرق ثيابه  ، فتَخْلُص إلى جلده ، خير له من أن يجلس على قبر» خرجهما مسلم في صحيحه.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كسر عظم المسلم ميتاً ، ككسره حياً» أي في الإثم . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.

وقال المالكية والشافعية والحنابلة وأبو يوسف في النباش: (وهو سارق أكفان الموتى) أنه تقطع يده لأنه سارق ، ولأن القبر حرز للكفن ، واحتج ابن القاسم وغيره بقول الله عز وجل: <ألمْ نجعلْ الأرضَ كفاتاً أحياءً وأمواتاً> وقالوا: القبر حرز وستر للكفن كأنه بيت للحي .
(انظر الاستذكار 8/342)

والكفات: الضم والجمع ، فإذا حل العبد في موضع فهو كفاته ، وهو منزله وهو داره وحرزه وحريمه وحماه ، كان يقظان أو نائماً.
(انظر أحكام القرآن لابن العربي 4/1900)

فاتفق العلماء على أن الموضع الذي يدفن المسلم فيه ، وقف عليه ، ما بقي شيء منه من لحم أو عظم ، فإن بقي شيء منه فالحرمة باقية لجميعه.
فإن بلي وصار تراباً ، جاز الدفن في موضعه ، وجاز الانتفاع بأرضه في الغرس والزرع والبناء وسائر وجوه الانتفاع به.
ولو حفر القبر فوجد فيه عظام الميت باقية ، لا يتم الحافر حفره.

ففي المغني (2/391): وإن تيقن أن الميت قد بلي وصار رميماً ، جاز نبش قبره ودفن غيره فيه ، وإن شك في ذلك رجع إلى أهل الخبرة ، فإن حفر فوجد فيها عظاماً دفنها وحفر في مكان آخر ، نص عليه أحمد ، واستدل بأن: «كسر عظم الميت ككسر عظم الحي».

وسئل أحمد عن الميت يخرج من قبره إلى غيره فقال : إذا كان شيء يؤذيه ، قد حول طلحة وحولت عائشة انتهى .
وبنحو كلام ابن قدامة قال ابن الهمام الحنفي في شرح فتح القدير. (2/102)

وفي غاية المنتهى (1/271) لمرعي الحنبلي : ” وإذا صار الميت تراباً جاز حرث قبره لزرع وغيره والمراد بغير مسبلة ، وحرم دفن بمسجد ونحوه وينبش ، ويتجه وجوباً، ويجب نبش من دفن بلا غسل إن أمكن… انتهى.

وبناء على ما تقدم:

فلا يجوز التصرف بمقابر المسلمين وتحويلها حديقة أو مدرسة أو غير ذلك، إلا إذا حكم أهل الخبــرة أو دل الواقـع على تحول عظام الموتى فيها تراباً.

وإذا دعت الضرورة الملجئة لتحويل المقبرة، فإنه ينقل عظام أصحابها إلى مقبرة أخرى ، كما ورد عن جابر رضي الله عنه قال : ” دفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي  حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة ” وفي رواية : ” فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته هنية ، غير أذنه ” .
بوب لهما البخاري في صحيحة ( 3/ 214) باب : هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة ؟

والله تعالى أعلم ،،،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم

زر الذهاب إلى الأعلى