أرشيف الفتاوى

حكم الموسيقى للصغار

السؤال :
ما حكم الموسيقى والاستماع إليها ؟ وهل يوجد نصوص تحرم سماعها ? وهل يجوز وضعها للصغار في رياض الأطفال في طابور الصباح ?! وإنشاد بعض أناشيد الصغار معها ؟
أفتونا مأجورين جزاكم الله خيراً.

الجواب:

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين ، وعلى أصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

وبعد: فالموسيقى والمعازف وآلات اللهو ، كالطبل والعود والمزمار والأورغ والكمان وما شابهها ، حرام في قول جمهور العلماء المحققين ، وأئمة المسلمين .

وقد وردت أدلة كثيرة تدل على تحريمها ، نذكر بعضها باختصار :

أما القرآن فقد قال تعالى: <ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتري لهوَ الحديثِ ليضلَ عنْ سبيل اللهِ بغيرِ علم ويتخذها هزواً أولئكَ لهُمْ عذاب مهين>. [سور لقمان: 6]

قال ابن كثير رحمه الله تعالى (3/441) : لما ذكر تعالى حال السعداء ، وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه ، كما قال تعالى: <اللهُ نزَّلَ أحْسَن الحديث كتاباً متشابهاً تقْشَعِرُ منهُ جلودُ الذين يخْشَوْن ربَّهم ثم تَلِين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله> الآية ، عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الإنتفاع بسماع كلام الله ، وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب .

كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث…) الآية قال: هو والله الغناء .
وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي بن بذيمة والحسن البصري .

ثم قال تعالى: <وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مسْتكبراً كأنْ لمْ يسمعها كأن في أذنيه وقراً> أي هذا المقبل على اللهو واللعب والطرب إذا تليت عليه الآيات القرآنية ولى عنها وأعرض وأدبر أي تصامم ومابه صمم كأنه ما يسمعها ، لأنه يتأذى بسماعها إذ لا انتفاع له بها ولا أرب له فيها : (فبشره بعذاب أليم) أي : يوم القيامة يؤلمه ، كما تألم بسماع كتاب الله وآياته.

وأخرج البخاري في صحيحه في كتاب الأشربة : حديث أبي مالك أو أبي عامر الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم ـ أي جبل ـ يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم ـ يعني الفــقير ـ لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غداً فيبيتهم الله ويضــع العــلم ويمسخ آخــرون قردة وخنازير إلى يوم القيامة».

فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيكون أقوام من أمته يستحلون «الحر» أي الفرج وهو كناية عن الزنا، والحرير والخمر والمعازف.

وقوله «يستحلون» صريحة في أن المذكورات _ومنها المعازف _هي في الشرع محرمة ممنوعه ، فيستحلها أولئك القوم .

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قرن المعازف مع المقطوع بحرمته ، وهو الزنا والخمر، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها.

ثم أخبر عن أقوام من هؤلاء المستحلين لهذه المحرم

* وأما أقوال فقهاء الأمة وأئمتها فمعلومة ومدونة في كتب الفقه فقد ذكر ابن الجوزي في «تلبيس إبليس» ص (229) أن أبا حنيفة كان يكره الغناء ، ويجعل سماع الغناء من الذنوب .
وكذلك مذهب  سائر أهل الكوفة وإبراهيم والشعبي وحماد وسفيان الثوري وغيرهم ولا اختلاف بينهم .
والشافعي : الغناء لهو مكروه يشبه الباطل ، ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته.
وقد نص عليه في كتاب أدب القضاء .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني.
وهذا كله في الغناء الذي لا يصاحبه آلة عزف .
وعن اسحاق بن عيسى الطباع قال : سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء ؟ قال : إنما يفعله الفساق .

وقال الإمام الأوزاعي: إنَّـا لا ندخل وليمة فيها طبل ولا معزاف .

* أما عن وضع الموسيقى للصغار في المدارس ورياض الأطفال ، فلا يجوز لعموم الأدلة السابقة .
ولأن ما يحرم لا يجوز تعاطيه من الكبير أو الصغير، ولا يجوز للكبير أن يمكِّن الصغير من فعل ما لا يحل ، كما نص عليه علماؤنا .
ويستغنى عنها بالأناشيد التي تحث على الخير ومكارم الأخلاق ، والتي لا يصاحبها عزف .
والله تعالى الموفق للخير ،،،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

زر الذهاب إلى الأعلى